الْسَّلام عَلَيْكُم و رَحْمَة الْلَّه و بَرَكَاتُه
- - - -
مَن قَال إِن الْنَّفْط أُغْلِي مِن دَمِي؟!
إِلَي أَطْفَال الْعِرَاق
بِقَلَم : فَارُوْق جُوَيْدَة
مَادَام يَحْكُمُنَا الْجُنُوْن..
سَنُرِي كِلَاب الْصَّيْد تَلْتَهِم
الْأَجِنَّة فِي الْبُطُوْن
سَنُرِي حُقُوْل الْقَمْح أَلْغَامُا
وَضَوْء الْصُّبْح نَارا فِي الْعَيْوَن
سَنُرِي الْصِّغَار عَلَي الْمَشَانِق
فِي صَلَاة الْفَجْر جَهَرَا يَصْلِبُون
وَنُرِي عَلَي رَأْس الْزَّمَان
عَوِيْل خِنْزِيْر قَبِيْح الْوَجْه
يَقْتَحِم الْمَسَاجِد وَالْكَنَائِس وَالْحُصُوْن
وَحِيْن يَحْكُمُنَا الْجُنُوْن
لَا زَهْرَة بَيْضَاء تُشْرِق
فَوْق أَشْلَاء الْغُصُوْن
لَا فَرْحَة فِي عَيْن طِفْل
نَام فِي صَدْر حَنُوُن
لَا دِيَن.. لَا إِيْمَان.. لَا حَق
وَلَا عِرْض مَصُوْن
وَتُهَوِّن أَقْدَار الْشُّعُوْب
وَكُل شَيْء قَد يَهُوْن
مَادَام يَحْكُمُنَا الْجُنُوْن
***
أَطْفَال بَغْدَاد الْحَزِيِنَة يَسْأَلُوْن
عَن أَي ذَنْب يُقْتَلُون
يَتَرَنَّحُون عَلَي شَظَايَا الْجُوْع
يَقْتَسِمُوْن خُبْز الْمَوْت.. ثُم يُوَدِّعَوْن
شَبَح' الْهُنُود الْحُمْر' يُظْهِر
فِي صَقِيْع بِلَادِنَا
وَيَصِيْح فِيْنَا الطَّامِعُوْن...
مِن كُل صَوْب قَادِمُوْن
مِن كُل جِنْس يَزْحَفُون
تَبْدُو شَوَارِعِنَا بِلَوْن الْدَّم
وَالْكُهَّان فِي خَمْر الْنَّدَامَة غَارِقُوْن
تَبْدُو قُلُوْب الْنَّاس أَشْبَاحَا
وَيَغْدُو الْحُلُم طَيْفَا عَاجِزا
بَيْن الْمَهَانَة.. وَالْظُّنُوْن
هَذِي كِلَاب الْصَّيْد
فَوْق رُؤُوْسِنَا تَعْوِي
وَنَحْن إِلَي الْمَهَالِك مُسْرْعُون..
***
أَطْفَال بَغْدَاد الْحَزِيِنَة
فِي الْشَّوَارِع يَصْرُخُوْن
جَيْش الْتَتَار
يَدُق أَبْوَاب الْمَدِينَة كَالْوَبَاء
وَيَزْحَف الْطَّاعُون
أَحْفَاد هُوَلَاكُو
عَلَي جُثَث الْصِّغَار يُزَمْجِرُون
جُثَث الْهُنُود الْحُمْر تَطْفُو
فَوْق أَعْمِدَة الْكَنَائِس وَالثَّرِي يَغْلِي
صُرَاخ الْنَّاس يَقْتَحِم الْسُّكُوْن
أَنْهَار دَم فَوْق أَجْنِحَة الْطُّيُوْر الْجَارِحَات
مَخَالِب سَوْدَاء تُنَفِّذ فِي الْعَيْوَن
مَازَال دِجْلَة يُذْكَر الْأَيَّام..
وَالْمَاضِي الْبَعِيْد يُطِل مِن خَلْف الْقُرُون
عَبْر الْغُزَاة هُنَا كَثِيْرَا.. ثُم رَاحُوْا
أَيْن رَاح الْعَابِرُوْن؟!
هَذِي مَدِيْنَتِنَا.. وَكَم بَاغ أُتِي
ذَهَب الْجَمِيْع وَنَحْن فِيْهَا صَامِدُون
سَيَمُوْت هُولَاكُو
وَيَعُوْد أَطْفَال الْعِرَاق
أَمَام دِجْلَة يَرْقُصُوْن
لَسْنَا الْهُنُود الْحُمْر
حَتَّي تَنْصِبُوا فِيْنَا الْمَشَانِق
فِي كُل شِبْر مِن ثَرِي بَغْدَاد
نَهْر.. أَو نَّخِيْل.. أَو حَدَائِق
وَإِذَا أَرَدْتُم سَوْف نَجْعَلُهَا بِنَادِق
سَنُحَارِب الْطَّاغُوت فَوْق الْأَرْض
بَيْن الْمَاء.. فِي صَمْت الْخَنَادِق
إِنَّا كَرِهْنَا الْمَوْت لَكِن
فِي سَبِيِل الْلَّه نُشْعِلُهَا حَرَائِق
سَتَظَل فِي كُل الْعُصُور وَإِن كَرِهْتُم
أُمَّة الْإِسْلام مِن خَيْر الْخَلَائِق
***
أَطْفَال بَغْدَاد الْحَزِيِنَة
يَرْفَعُوْن الْآَن رَايَات الْغَضَب
بَغْدَاد فِي أَيْدِي الْجَبَابِرَة الْكِبَار
تَضِيْع مِنَّا.. تُغْتَصَب
أَيْن الْعُرُوْبَة.. وَالْسُّيُوْف الْبَيْض
وَالْخَيْل الضَّوَارِي..وَالْمَآثِر..وَالْنَّسَب؟
أَيْن الْشُّعُوْب وَأَيْن كُهّان الْعَرَب؟
فِي مَعْبَد الطُّغْيَان يَبْتَهِل الْجَمِيْع
وَلَا تَرَي غَيْر الْعَجَب..
الْبَعْض مِنْهُم قَد شَجِب
وَالْبَعْض فِي خِزْي هَرَب
وَهُنَاك مَن خَلَع الثِّيَاب
لِكُل جَوَاد وَهَب..
فِي سَاحَة الْشَّيْطَان
نَقْرَأ' سُوْرَة' الدُّوَلار!
يَسْعَي الْنَّاس أَفْوَاجَا
إِلَي مِسْرّي الْغَنَائِم وَالْذَّهَب
وَالْنَّاس تُسْأَل عَن بَقَايَا أُمَّة تُدْعَي'الْعَرَب'!
كَانَت تَعِيْش مِن الْمُحِيْط إِلَي الْخَلِيْج
وَلَم يَعُد
فِي الْكَوْن شَئ مِن مَآَثِر أَهْلِهَا
وَلِكُل مَأْسَاة سَبَب
بَاعُوْا الْخُيُول..
وَقَايضُوا الْفُرْسَان فِي سُوْق الْخَطْب
فَلْيَسْقُط الْتَّارِيْخ.. وَلِتَحْيَا الْخَطْب
أَطْفَال بَغْدَاد الْحَزِيِنَة يَصْرُخُوْن
يَأْتِي إِلَيْنَا الْمَوْت فِي لَبَن الْصِّغَار
يَأْتِي إِلَيْنَا الْمَوْت فِي الْلَّعِب الْصَّغِيْرَة
فِي الْحَدَائِق.. فِي الْأَغَانِي..
فِي الْمَطَاعِم.. فِي الْغُبَار
تَتَسَاقَط الْجُدْرَان فَوْق مَوَاكِب الْتَّارِيْخ
لَا يُبْقِي لَنَا مِنْهَا.. جِدَار
عَار عَلَي زَمَن الْحَضَارَة أَي عَار
مِن خَلْف آَلِاف الْحُدُوْد
يُطِل صَارُوْخ لَقِيْط الْوَجْه..
لَم يَعْرِف لَه أَبَدا مَدَار
وَيَصِيْح فِيْنَا:
أَيْن أَسْلِحَة الْدَمَار؟!
هَل بَعْد مَوْت الْضِّحْكَة الْعَذْرَاء فِيْنَا
سَوْف يَأْتِيَنَا الْنَّهَار
الْطَّائِرَات تَسُد عَيْن الْشَّمْس
وَالْأَحْلَام فِي دَمِنَا انْتِحَار
فَبِأَي حَق تَهْدِمُون بُيُوْتَنَا
وَبِأَي قَانُوُن
تُدَمِّر أَلْف مِئْذَنَة.. وَتَنْفُث سَيْل نَار
تَمْضِي بِنَا الْأَيَّام فِي بَغْدَاد
مِن جُوْع.. إِلَي جُوْع
وَمَن ظَمَأ.. إِلَي ظَمَأ
وَوَجْه الْكَوْن جُوْع.. أَو حِصَار
يَاسَيِّد الْبَيْت الْكَبِيْر
يُّالَعْنّة الْزَّمَن الْحَقِير
فِي وَجْهِك الْكَذَّاب
تُخْفِي أَلْف وَجْه مُسْتَعَار
نَحْن الْبِدَايَة فِي الْرِّوَايَة..
ثُم يَرْتَفِع الْسِّتَار
هَذِي المَّهَازِل لَن تَكُوْن نِهَايَة الْمِشْوَار
هَل صَار تَجْوِيْع الْشُّعُوْب
وِسَام عِز وَافْتِخَار؟!
هَل صَار قَتَل الْنَّاس فِي الْصَّلَوَات
مَلْهَاة الْكِبَار؟!
هَل صَار قُتِل الْأَبْرِيَاء
شِعَار مَجْد.. وَانْتِصَار؟!
أَم أَن حَق الْنَاس فِي أَيَّامِكُم
نَهَب.. وَذَل.. وَانْكِسَار
الْمَوْت يَسْكُن كُل شَيْء حَوْلَنَا
وَيُطَارِد الْأَطْفَال مِن دَار..لِدَّار
مَازِلْت تَسْأَل:
أَيْن أَسْلِحَة الْدَمَار
***
أَطْفَال بَغْدَاد الْحَزِيِنَة
فِي الْمَدَارِس يَلْعَبُوْن
كُرَة هُنَا.. كَرَّة هُنَاك
طِفْل هُنَا.. طِفْل هُنَاك
قَلْم هُنَا.. قَلْم هُنَاك
لَغَم هُنَا... مَوْت.. هَلَاك
بَيْن الْشَّظَايَا
زَهْرَة الصَّبَّار تَبْكِي
وَالْصَّغَار عَلَي المَلَاعِب يَسْقُطُوْن
بِالْأَمْس كَانُوْا
كَالْحَمَائِم فِي الْفَضَاء يُحَلِّقُوْن
***
فِي الْكُوْفَة الْغَرَّاء
عِطْر مِن عَبِيّر الْمُصْطَفَي
فَجَر أَضَاء الْكَوْن يَوْمَا
لَا اسْتَكَان وَلَا غَفَا
يَا آَل بَيْت مُحَمَّد..
كَم حَن قِلْبِي لِلْحُسَيْن..وَكَم هَفَا
غَابَت شُمُوْس الْحَق وَالْعَدْل اخْتَفِي
مُهِمَّا وَفِي الْشُّرَفَاء فِي أَيَّامِنَا
زَمَن' الندّالَة'.. مَا وَفِي
مُهِمَّا صُفِّي الْعُقَلَاء فِي أَوْطَانِنَا
بِئْر الْخِيَانَة مَا صُفِّي..
بَغْدَاد يَا بَلَد الْرَّشِيْد
يَاقَلْعِة الْتَّارِيْخ وَالْزَّمَن الْمَجِيْد
بَيْن ارْتِحَال الْلَّيْل
وَالْصُّبْح الْمُجَنَّح لَحْظَتَان
مَوْت.. وَعِيْد
مَا بَيْن أَشْلَاء الْشَّهِيْد
يَهْتَز عَرْش الْكَوْن فِي صَوْت الْوَلِيّد
مَا بَيْن لَيْل قَد رَحْل
يَنْسَاب صُبْح بِالْأَمَل
لَا تَجْزَعِي بَلَد الْرَّشِيْد
لِكُل طَاغِيَة.. أَجَل
***
طِفْل صَغِيْر..
ذَاب عِشْقَا فِي الْعِرَاق
كُرَّاسَة بَيْضَاء يَحْضَنُهَا
وَبَعْض الْفُل.. بَعْض الْشِّعِر وَالْأَوْرَاق
حَصَّالَة فِيْهَا قُرُوْش
مِن بَقَايَا الْعِيْد.. دَمِع جَامِد
يُخْفِيْه فِي الْأَحْدَاق
عَن صُوْرَة الْأَب الَّذِي
قَد غَاب يَوْمَا.. لَم يَعُد
وَانْسَاب مِثْل الْضَّوْء فِي الْأَعْمَاق
يَتَعَانَق الْطِّفْل الْصَّغِيْر مَع الْتُّرَاب
يَطُوْل بَيْنَهُمَا الْعِنَاق
خَيْط مِن الْدَّم الْغَزِيِر
يَسِيْل مِن فَمِه
يَذُوْب الْصَّوْت فِي دَمِه الْمُرَاق
تَخْبُو المَلَامِح.. كُل شَئ فِي الْوُجُود
يَصِيْح فِي أَلَم: فِرَاق
وَالْطِّفْل يَهْمِس فِي أَسَي:
أَشْتَاق يَا بَغْدَاد تَمْرَك فِي فَمِي
مَن قَال إِن الْنَّفْط أُغْلِي مِن دَمِي؟!
بَغْدَاد لَا تَتَأَلَّمِي
مَهْمَا تْعَالِت صَيْحَة الْبُهْتَان
فِي الْزَّمَن الْعُمْي
فَهُنَاك فِي الْأُفُق الْبَعِيد صَهِيْل فَجَر قَادِم
فِي الْأُفْق يَبْدُو سِرْب أَحْلَام
يُعَانِق أَنْجُمِي
مُهِمَّا تُوَارِي الْحُلْم عَن عَيْنَيْك
قَوْمِي.. وَاحْلُمِي
وَلْتَنْثُرِي فِي مَاء دِجْلَة أَعْظُمِي
فَالصُّبْح سَوْف يُطِل يَوْمَا
فِي مَوَاكِب مَأْتَمِي
الْلَّه أَكْبَر مِن جُنُوْن الْمَوْت
وَالْزَّمَن الْبَغِيض الْظَّالِم
بَغْدَاد لَا تَسْتَسْلِمِي
بَغْدَاد لَا تَسْتَسْلِمِي
مَن قَال إِن الْنَّفْط أُغْلِي مِن دَمِي؟!
- - - - -
تَحِيَّاتِي لَكُم
دُمْتُم بِوِد